المؤتمر المسيحي الدائم ورقة العمل:
إستنهاض تعارف تعاون
1 - لماذا هذا المؤتمر ؟
مع بلوغ لبنان واللبنانيين قعر الهاوية في ظل الإنهيار الشامل على جميع المستويات (السياسية الاجتماعية، الإقتصادية التربوية، الأخلاقية ...)
مع بلوغ انسداد الأفق أمام اي تفاهم بين الأفرقاء المسيحيين حد إفقادهم حضورهم ودورهم في صنع القرار،
وأمام لامبالاة المسؤولين لمعاناة شعبهم التي تجاوزت حدود قدرته على الصمود والبقاء في وطنه، ومع استمرار نزيف الهجرة غير المسبوق وتجاوز التغيير الديموغرافي الخطوط الحمر على حساب المسيحيين،
حان الوقت لصحوة ضمير وعودة إلى الذات لنفكر معاً كمسيحيين في كيفية حماية حضورنا واستعادة دورنا ورسالتنا.
+
فقد بات من الضرورة الملحّة أن نعود إلى وجداننا المسيحي ونعيد ترتيب بيتنا الداخلي الذي مزقته الصراعات والمحسوبيات والأنانيات، كي نستعيد الشراكة الفعلية في إعادة بناء الدولة العادلة، من خلال استراتيجية قائمة على ثلاثة دعائم أساسية وهي: استنهاض المجتمع المسيحي، تعارف وتلاقي جميع الطاقات المسيحية في جميع الميادين، وتعاون هذه الطاقات والتشبيك في ما بينها لتحقيق النتيجة المرجوة وهي تعزيز الحضور المسيحي في لبنان.
لقد بات من واجبنا أمام الإنهيار الممنهج للدولة أن نضع كمسيحيين، آليات عملية وفعّالة لإنقاذ حضورنا وإعادة تفعيل دورنا، وعدم الإكتفاء برفع الشعارات.
لقد أن الأوان لعملية إنقاذية ينخرط فيها الجميع من أصحاب الإرادة الطيبة والفكر النيّر والقدرات البنّاءة والقيم الأخلاقية، لاستعادة الدور والحضور والشراكة بكافة السبل السلمية المشروعة، والكفيلة بالحفاظ على الكيان التعددي المتنوع للبنان الرسالة.
٢ – المخاطر
1- تهديد الكيان اللبناني ومؤسسات الدولة.
2- الانقسامات المسيحية في القضايا الوجودية.
3- غياب مشروع حيوي دائم وشامل واستراتيجية جامعة للوجود المسيحي في لبنان.
4- التغييب المتصاعد للمسيحيين عن قرارات الوطن ومؤساساته.
5- اهتزاز سلم القيم التي عاشها المسيحيون وبشروا بها.
6- قصورالعملية التربوية عن تعزيز مقومات الانتماء والبقاء لدى الشباب المسيحي في لبنان.
7- التناقص الديموغرافي المسيحي المتسارع وهجرة المسيحيين من لبنان.
8- بيع الأراضي واحتلالها.
9- الوجود الغريب الكثيف على أرض لبنان (الفلسطيني، النزوح السوري، الإيراني) .
10- منع المسيحيين من المساهمة في اتخاذ القرارات الوطنية بقوتهم الذاتية من جراء قوانين الانتخابات النيابية المجحفة بحقهم أو انقسامهم العامودي على المحاورالنافذة في الوطن .
11- الإختلال الكبير بين ما يؤيده المسيحيون من واجباتهم، وبين ما يجنونه من خيرات الدولة وتقديماتها.
3- الأهداف
أ- تسليط الضوء على سوء حوكمة المسؤولين في القضايا الوطنية، الحياتية والمصيرية.
ب- خلق صوت ثالث قادر على جمع المسيحيين حول القضايا المصيرية إلى أي جهة سياسية أو حزبية أو اجتماعية انتموا، من خلال إجراءات تنفيذية بعيدة عن المواقف السياسية والحسابات الحزبية الضيقة، وذلك لمواجهة هذه المرحلة الخطيرة من تاريخ لبنان والحضور المسيحي فيه.
ج- وضع استراتيجية مستندة إلى رؤية واضحة وتحديد الحلول الممكنة والعملية لمواجهة المخاطر والتحديات، ودعوة جميع المسؤولين إلى تنفيذها.
د- دعوة جميع المؤمنين بهذا العمل أينما وجدوا (مؤسسات أحزاب، جمعيات كنسية ومدنية، نقابات حركات رجال دين رجال أعمال ....) إلى الإنخراط في هذه الإستراتيجية بالإمكانيات الموجودة وتشكيل قوة ضغط باتجاه تنفيذها.
ه-عيش القيم الانجيلية والمسيحية والتزام الخدمة المجانية، والعمل المسيحي المسكوني والعمل التطوعي المدني والحرص على الكفاءة.
و- المساهمة في الاجابة عن الأسئلة التي يطرحها المسيحيون حول وجودهم ومعضلاته.
ز- السعي لتحقيق التفاهم والتضامن بين المسيحيين في مواجهة القضايا الوجودية.
ح - قيام حركة استدراكية تعالج الأسباب الإستحقاقية لخفوت وهج المسيحيين ووضع استراتيجية واضحة لإستعادة حضورهم الفاعل إيجابياً، للحفاظ على وجودهم الفارق و تعزيزه.
ط- إيلاء رجال الفكر المسيحيين الدور الأساسي في عملية بناء لبنان الجدي.
ي- تمثيل الوجدان المسيحي من القضايا الوطنية الراهنة.
ك -وقف غزو ثقافة المسيحيين وتزوير تاريخهم.
ل- وضع استراتيجية مستدامة تحفظ وجود المسيحيين وحضورهم الفاعل ضمن التعدد اللبناني.
م - تشكيل مجموعات ضغط في لبنان وبلاد الانتشار داعمة للمواقف التي يتخذها الاتحاد ووضع خطة لربط الاغتراب المسيحي بلبنان.
ن- إعداد رجال دولة يؤتمنون على مستقبل المسيحيين في لبنان.
ثوابت التعاون مع الآخرين:
أ-كل من يجد نفسه مؤيداً و فاعلاً ضمن الأهداف والأدوار وثوابت العمل التي حددها المؤتمر المسيحي الدائم.
ب - للتكامل في إطار تنظيم يحفظ وجود المسيحيين و يصون حضورهم في لبنان ويعزز دورهم ويشكل صوتهم الصارخ الوازن في المعادلة السياسية اللبنانية، ويعبرعن الأساسيات التي ينشدونها بعد الإخفاقات التي أصيبوا بها في السنوات الأخيرة.
ج -إن عمل المؤتمر المسيحي لا يهدف اطلاقاً الى تكوين أو تبني مجموعات ناقمة أو تريد الإنتقام من السياسيين المسيحيين والأحزاب والكنيسة. بل تنطلق من محبة الجميع وقبول الآخر مهما اختلف عن مبادئ المؤتمر.
د-العمل وفق المعايير العلمية والمشاركة في الاجتماعات بشكل دائم والقيام بما يوكل اليهم من مهام لتحقيق ما يتم الاتفاق عليه.
الخاتمة:
إنطلاقاً من الوجود المسيحي والحضور الفاعل في لبنان والشرق امانة في اعناقنا ومسؤولية كل واحد منا. وإنطلاقاً من الثابتة التاريخية بأن الشعوب العاجزة عن التغلب على مخاطرها وتحدياتها المصيرية تتعرض للإندثار والزوال من التاريخ. وبغرض مواجهة التحديات التي تعصف بهذين الوجود والحضور، يرى المؤتمر المسيحي الدائم أنه لا بد لمسيحيي لبنان ان يتحدوا حول رؤية إنقاذية واحدة، تحملهم الى النضال في مختلف الحقول.
فإذا كان المسيحيون قد نجحوا حتى اليوم في مواجهة مختلف الغزوات التي شنتها عليهم إمبراطوريات وممالك عديدة شكلت على مرالزمن مخاطر أعتى من المخاطر الحالية، فإنما يعود ذلك بالدرجة الأولى الى وحدة القرار والمثابرة، الشرط الأساس لكل تفوق ونجاح.
النداء التأسيسي
نوجه هذا النداء في لحظة بلغ فيها لبنان قعر الهاوية التي لا يمكن لأحد أن يتجاهلها أويتنصل من المسؤولية تجاه انحدارنا إليها، فالتهرب من المسؤولية هو في حدّ ذاته خيانة لطبيعة المهمة السياسية كأشرف عمل يدعى إليه الإنسان بحكم كرامته الإنسانية وعيش الحرية والمعية.
+
وبالرغم من الظلام المحيط بنا من جميع الجهات، جلنا بنظرنا في الهاوية، فرأينا من انزلق معنا إلى الإنهيار، وعرفنا من نجا منه.
-معنا في الهاوية لبنانيون يبحثون عن الدواء ولا يجدونه.
-معنا أطفال يصرخون جوعا لأنهم لا يجدون الحليب.
-معنا أجداد يتحسرون على حياة أضاعوها في سبيل وطن هدمته عصابة تجار مال وتجار دم.
-معنا شباب يتسولون بطاقة هجرة الى اي بلد من بلاد الناس، وأمهات وآباء يبكون خسارة فلذات الأكباد.
-معنا لبنانيون انفجرت بهم عاصمتهم فتحولوا أشلاء على المرفأ أو جرحى او مشردين، أو ثوارا يطلبون العدالة لدماء أبنائهم، فيجابهون بقانون فصّله المجرمون على قياس جرائمهم، وقضاء أصبح منقلباَ على نفسه يلزمه من يفصل في نزاعات أهله.
-معنا طلاب يخسرون علمهم في المدرسة والجامعة، لأن التعليم أصبح على سعر صرف الدولار السياسي المحلق بلا سقف.
-معنا لبنانيون كفروا بالسلطة وأهلها، ويتلون كل يوم آيات الدعاء برحيلهم واضمحلال شرهم.
-معنا مسيحيون خائفون على وجودهم وحضورهم، مع استفحال سياسة قضم الحقوق وبيع الأراضي واحتلالها، فيما زعماؤنا يتلهون بأنانياتهم وحفلات التخوين المتبادلة.
-معنا موظفون، عسكريون، معلمون، وأصحاب مهن متنوعة، ذوو كرامة وعنفوان، أكل وحش الغلاء رواتبهم، وسرق منهم جنى العمر، يسكبون على جرحهم ملحا، ويرفضون أن يتحولوا الى متسولي أبسط الحقوق، فيموتون على أبواب المستشفيات أو يعيشون بصمت مآسيهم المتنوعة.
-معنا ضحايا سلاح غير شرعي ومتفلت، وضحايا إهمال يسقطون كلّ يوم، ولا من يسأل.
-معنا في الهاوية كل هؤلاء، واللائحة تطول...
ونظرنا أكثر في قعر الهاوية فاستفقدنا الكثيرين، وأدركنا أنهم ليسوا معنا بل "علينا":
-لم نجد معنا أهل السلطة، بل رأيناهم يعيشون في نعيم أموالنا التي نهبوها...
-لم نجد معنا دولتنا بجميع أجهزتها وسلطاتها، لأنها أصبحت في جيبة الزعيم وفي فوهة سلاح قوى الأمر الواقع.
-لم نجد معنا أحدا من أبناء الفساد لأنهم يتلهون بعدّ غنائمهم من عرقنا ودمائنا...
الواقع المر دفعنا إلى التأكد من أن حبل الصعود من الهاوية لن يرميه إلينا أحد من هؤلاء. لن نخرج إلى النور إلا بتضامننا مع بعضنا البعض، نحن أصحاب الإرادات الخيرة العالقون في الهاوية.
أمام هذه الواقع المأساوي للعمل السياسي وما خلّفه من أزمات، التقينا إتحاد أورا بجمعيّاته الأربع، الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة- لبنان (أوسيب لبنان)، لابورا، أصدقاء الجامعة اللبنانية (أوليب)، ونبض الشباب (كروأكت) مع تجمّع"لبنانيّون من أجل الكيان"، لقاء "وحدة ورؤية" و"لقاء الإثنين- كسروان"، لنوجّه هذا النداء إلى جميع القوى المسيحيّة بوجه خاصّ والشريكة في الوطن واللبنانيّة بوجه عام بمثابة دعوة بعنوان : "أنظروا الواقع وتبصّروا فيه."
نرغب من هذه الدعوة أن نعيد إلى العمل السياسي حقيقته المتأصلة في الزمان والمكان، كعمل حضاري يرقى إلى ترقٍّ حقيقي. فالترقي هو مقياس الفعل السياسي وهو في أصل كل سلام مجتمعي. على هذا الأساس يقاس النظر إلى الواقع والتبصّر فيه من منطلق قراءة علامات الأزمنة والانطلاق إلى المهمة التي يدعونا إليها الواقع.
من هنا نبدأ!
أولاً: إننا ننادي جميع المسؤولين السياسيين
أنظروا واقعكم وأحسنوا قراءة ما وصلتم إليه. لا أحد غيركم مسؤول تجاهه لنظركم في الأشياء والممارسة القائمة على أساسه. وأول ما يسألكم واقعكم:
-كم ستعمّرون من الأحقاد المميتة وحفلات الإلغاء المتبادل بعد، حتى تصحوا إلى ما تجرّون مجتمعكم إليه؟
-كم من الأساطير الشخصانية ستحيكون، حتى تستفيقوا من وهم أن كل واحد منكم هو الفرقة الوحيدة الناجية؟
-كم انهيار اقتصادي ستخلّفون بعد، حتى تدركوا أن اقتصاد بلد، لا يعني جيبة زعيم؟
-كم خطّة إنقاذيّة ستضعون قبل أن تصل البلاد إلى قعر الانهيار فتدركون أنّ النجاة من هذه الحالة شأن مستحيل؟
-كم من الوقت ستنتظرون لتطبيق التعديلات الدستورية المنبثقة عن اتفاق الطائف الذي عثتم به تنكيلا، جاعلينه وجهة نظر؟
-كم من فرص إنقاذ للوطن فوّتّم على مدى عشرات السنين، ولم تدركوا بعد حالة السقوط التي تأبون الإقرار بها؟
-كم من الوزارات والإدارات مذهبتم، وطيفتم وجعلتموها لفئة دون أخرى، ولم تعوا أنكم بذلك تمزّقون العيش المشترك للبنانيين؟
-أي محكمة تاريخ أقسى تتنظرون بعد، حتى تمعنوا التفكير في واقعكم، علّكم تتبّصرون فيه؟ وأي دينونة أرهب تنتظرون أن تدانوا فيها، حتى ترتدّوا عن غيّكم السياسي هذا؟
ثانيًا : إنّنا ننادي المسيحيين
1 - جميع المسؤولين السياسيين المسيحيين
لا نعتقد ان الواقع الحالي الذي وصلنا اليه لا ينادي السياسيين المسيحيين ويسألهم: أنظروا الواقع وتبصّروا فيه!
-كم من الارتجال الصبياني والمراهقة السياسية ستبغون بعد، حتى تكفّوا عن تهديم ما صادرتموه ممّا ائتمنكم عليه المسيحيّون وتاريخ الحضارة المسيحية في هذا البلد ؟
-كم من الشباب ستهجّرون، وكم من البيوت ستفرغون بعد، حتّى تدركوا أن هذه الطريق لن تؤدي سوى إلى القضاء على الوجود المسيحي الفاعل في لبنان والشرق؟
أنظروا واقعكم بمكاشفة تاريخية، فهناك حقيقتكم غير المخفية لا عنكم ولا عن سواكم. وإذا اهتديتم إليها تجدون البصر الحقيقي.
واقعكم أنكم منقسمون، ومحطات هذا التاريخ تعرفونها، ومنكم من قام بها خير قيام. والحقيقة أن من ينقسم على ذاته يخرب، وهذا ما مارستموه حتى كرسـتموه بالدماء وألوان الممارسات ونسجتم له سرديات ولفّقتم له أخبارا.
إن حقائق تاريخكم السياسي هذه، تحتّم عليكم مراجعة دقيقة لا للخيارات فحسب، بل للمنطلقات، حتى تهتدوا إلى المهمة الحضارية التي أنتم مدعوون إليها في سياق التجربة اللبنانية التي ينضجها التاريخ عند كل أزمة سياسية، لتتبلور أكثر فأكثر، لذا نكّرر: أنظروا الواقع وتبصّروا فيه!
هذه المهمة الحضاريّة لا بد من أن تقوم على أساس حقيقة لا مفرّ منها يختصرها كتاب الأمثال بالقول: "بصلاح الصديقين تغتبط المدينة، بإبادة الأشرار تطرب. ببركة المستقيمين تعلو المدينة، وبكلام الأشرار تنهدم" (أم 11، 10-11). الإشكالية الأولى هي إذًا إشكاليّة أخلاقية سياسيّة. ولا مفّر من توبة تاريخية بالدرجة الأولى على هذا الصعيد، حتى تصفو النظرة فيستقيم الفعل السياسي.
ولا يستقيم الفعل السياسي إلاّ على أساس التمييز، فأي سياسة تبغي الخير العام لا تقوم من دون موهبة التمييز أي قراءة علامات الأزمنة. فأي تمييز على ىسبيل المثال عندما يصير المسيحيون عاملاً من عوامل تعطيل الواجب الدستوري في انتخاب رئيس للجمهورية؟ واللائحة الكارثيّة على المسيحيين والوطن نتيجة عدم التمييز هذا تطول بدءًا من مواضيع النزوح السوري، القنبلة الموقوتة ديموغرفيًا وإنسانيًا واقتصاديًا وسياسيًا وأمنيًا، واللجوء الفلسطيني، والتجنيس العشوائي، والقضايا التربوية، والملفات الصحية، والهندسات المالية، وبيع واستبدال الأراضي والمشاعات واحتلالها. ولن ينجو المسيحيّون من هذه الكوارث إلا بإيلاء رجال الفكر المسيحيين الدور الأساسي في عملية بناء لبنان، سياسيا، ثقافيا، اجتماعيا وأخلاقيًا، عبر تنشئة الأجيال المسيحية على مبادئ وأخلاق وقيم تمكنها من الصمود في لبنان، وإعداد رجال دولة يؤتمنون على مستقبل المسيحيين في لبنان من خلال إعلاء الخير العام فيه فوق كل اعتبار.
2 – جميع المسؤولين المسيحيين الروحيين
إنطلاقا من واجب المسؤولين الروحيين في نشر كلمة الإنجيل، وفي خدمة البشارة، واستلهاما لمقررات المجمع الفاتيكاني الثاني، ولرسائل البابوات، ولوثيقة "رجاء جديد للبنان" التي أعلنها البابا القديس يوحنا بولس الثاني في بيروت، تتحمل الكنيسة مسؤولية كبيرة في التحضير لتوبة جماعية تطال السياسي والعلماني والمسؤول الروحي والعامل الإجتماعي... وعلى الكنيسة الشروع بإعداد خطتين تستندان إلى رؤية استراتيجيّة واضحة :
أ - خطّة تعليميّة تثقيفية تعمل على ترسيخ القيم الإنجيليّة وتعزيز المبادئ المسيحية لاسيّما العائدة لكرامة الشخص البشري، والخير العامّ والتضامن والتكافل، والتوجيه السليم للتجذر في الأرض و البقاء في الوطن مهما كانت الصعوبات والتحديات، وللعمل في الشأن العام.
ب- خطّة تنفيذية إجرائية تعمل على إعادة نظر في عمل المؤسسات الكنسية وهيكلياتها، حتى تطبق المبادئ المذكورة أعلاه، فتكون أكثر شهادة للمحبة المسيحية ولملكوت الله كما أرادها سيدها أن تكون في العالم وليس من هذا العالم، وكما قال فيها المجمع الفاتيكاني الثاني إنها : "بمثابة السرّ، أيّ العلامة والأداة في الاتّحاد الصّميم بالله ووحدة الجنس البشريّ برمتّه" (ك 1). وهذا يقتضي بالدرجة الأولى التنسيق والتشبيك بين المؤسسات المسيحية (الكنسية والاجتماعية...) من ضمن رؤية واضحة.
اما من الناحية الإقتصادية، فنرى أنّه على الكنيسة (البطريركيات، والأبرشيات، والرهبانيات...) وضع الأوقاف في خدمة الشعب ضمن خطط واضحة تساهم في صموده، والولوج إلى الاقتصاد المنتج الخلاّق عبر المساهمة مع أصحاب المبادرات الناجحة، وسيّدات ورجال الأعمال المسيحيين في لبنان والإنتشار في خلق مشاريع مستدامة ومراكز إنتاج تكنولوجية متطورة وغيرها، في البلدات اللبنانية على امتداد الوطن، لتأمين عشرات آلاف فرص العمل المستدامة للشباب المسيحي حامل الشهادات العالية.
وتقوم هاتان الخطّتان على أساس التعاون، أي ان المستقبل المسيحي في خدمة الخير العام لن يكون الا عبر الانفتاح التام على ثقافة التعاون والتشارك والمساواة بين القوى المسيحية السياسية في ادارة شؤون البلد، أكان ذلك على المستوى التشريعي او التنفيذي او الإداري، بعيدا عن سياسات الإقصاء،
وعبر عيش القيم المسيحية وأهمهما خدمة الخير العام. وهذا لن يتحقق الا اذا بادرت المرجعيات الكنسية الى تأسيس جهاز تنسيقي من أجل الشروع في تحقيق هذا التعاون والتنسيق بين الأحزاب والتجمّعات والمؤسسات والجمعيّات المسيحيّة العاملة على أرض الوطن في مواجهة المعضلات الوجوديّة.
3 – عموم المسيحيين
إنّ التبصّر في ما آلت إليه أوضاعنا يحتّم علينا :
-أن نحمل همّ بعضنا البعض، فنقلع عن الفئوية القاتلة في معالجة شؤوننا. فالخلاص لا يكون فرديّا فقط، إنّه هو حكمًا فرديّ شخصيٌّ وجماعيّ.
-أن نقلع عن الخوف على مستقبلنا، فوجودنا في هذا الشرق غير مرتبط بسلطة أو بزعيم، إنّما بسعينا جميعًا إلى أن نكون الخميرة في عجين وطننا، ومنطقتنا، ف"إذا كان الله معنا فمن يقوى علينا."
-أن نجعل من قرانا وبلداتنا ومدننا مواقع ريادة إنتاجيّة ووطنيّة، وواحات عيش مشترك.
-أن يكون شبابنا بناة لبنان الغد، فيتشبثون بأرضه، ويبنون حياتهم فيه، متمسكين بحيويتهم وإبداعيتهم وأخلاقيتهم، فالمستقبل لهم، ولن يكون إلا كما هم يرغبونه.
-أن تحمل المرأة المسيحيّة عاليا مشعل التقدم والتطوّر والتطلّع، لها لأبنائها وللوطن.
-أن يبني الأهل أجيالا لبنانيّة واعية، متحرّرة من سلطان الإعلام التيئيسي الذي تمارسه بعض وسائل التواصل الإجتماعيّ وبعض وسائل الإعلام المغرضة.
ثالثًا : إننا ننادي شركاءنا في الوطن
لا نعتقد ان الواقع الحالي الذي وصلنا اليه لا ينادي شركاءنا في الوطن للنظر والتفكير، لذا نكرر: أنظروا الواقع وتبصّروا فيه!
وهنا نسألكم بعدما قبضتكم على زمام الامور في البلاد بعد اتفاق الطائف :
-كيف، ترتضون أن تصير الدولة اللبنانية دولة فاسدة، ومفلسة، ومنهوبة وعلى شفير الإنهيار الكامل، ومشرّع فيها الحدود السائبة والتهريب، والسمسرات والتزوير...؟
-كيف تنساقون إلى ضرب الثوابت الوطنية اللبنانية القائمة على المشاركة؟
-اي وطن بنيتم لجميع اللبنانيين؟
-اي مستقبل ورخاء اقتصادي أمّنتم للشباب اللبناني الذي تركتموه حائرًا منكسرًا أمام أبواب السفارات والمجهول، يطمح الى بلد يحميه ويضمن مستقبله؟
-أي سلطة قضائيّة بنيتم، وأي قوانين صنتم بتعسفكم في ممارسة حقوقكم، حتى غدا العدل منتقصا وانتقائيا في وطننا، يخشى المواطنون اللجوء إليه.
-اي جامعة لبنانية حافظتم عليها؟ أي مؤسسات تربوية واجتماعية تضمن حق المواطن في التعليم والصحة أنشأتم؟ اي قوانين سنيتم لمصلحة المواطن في عمر الشيب؟ واي بنى تحتيّة بنيتم؟
كفانا مراهنات تضرب الكيان والدولة، ساعة بالاستقواء بقوى خارجية شقيقة أو وافدة، وساعة بوصاية او بطلب رضى دولة عربية أو اجنبية.
إننا لعلى أيمانٍ راسخ أن خصوصية لبنان وتاريخ العيش المشترك فيه يفرض المعادلة الآتية: إما أن نكون معًا أو لا نكون. ولهذه المعادلة براهين تاريخية، لعل الحرب اللبنانية أسطع برهان على أن أي جماعة تتوهم أنها ناجية أو تنجو بذاتها من دون سواها قد اختبرت ما هي نتائج وأثمان هذا التوهّم. إن الأزمة التي نمرّ بها لا يأتي حلّها من الخارج، بل من إبداع الداخل كما فعل اللبنانيون سابقًا، حتى لو تدخل الخارج وساعد.
فلبنان لن يخرج من ازماته إلا بترتيب أولويات الخصوصية اللبنانية من جديد، إذا كان كل طرف سيبقى رهن الماضي والحسابات الضيقة والأحقاد الدفينة، فلن نأمل أي مستقبل إلا استمرار الدمار؛ لكن إذا عدنا إلى أصل ميثاقنا الوطني نجد أن هذا الميثاق قد بني على أسس إيمانية ونظرة للإنسان قائمة على أن كل إنسان مساوٍ لكل إنسان بعامّة وفي لبنانيته بخاصّة. وهذا ما كان ليكون لولا أن للبنانيين تاريخ من العيش المشترك ارتضوه. وعن هذا التاريخ وعن هذه القيم ولدت إرادة لبنانية موحَّدة وموحِّدة أثبتت ذاتها رغم سني الحرب الطويلة.
من هذا المنطلق نعتقد أيضًا أن من يراهن على متغيرات خارجية إقليمية أو دولية أو من يراهن على لعبة ديموغرافية أو على هجرة او لجوء أو نزوح أو على يأسٍ ليحقق طموحًا سياسيًا، أو ما شابه، فليتعلم من دروس الماضي.
لذا "أنظروا الواقع وتبصّروا فيه!"، ولنعقد العزم معًا كما أراد التاريخ أن نكون معًا أو لا نكون.
رابعًا: إننا ننادي اللبنانيين عامة
ايها اللبنانيون، لبنان حياتنا، هواؤنا، شمسنا، اقتصادنا، ازدهارنا، عيشنا الواحد ومستقبلنا، لا نعتقد ان الواقع لا ينادينا الى النظر والتفكّر ، لذا نكرّر: لننظر الواقع ونتبصّر فيه!
لقد وصلنا معاً الى واقع مأساوي نتيجة ممارسات سياسية عقيمة اوصلتنا الى هذا الدرك الخطير المهدد للكيان، اذ لا يمكننا ان نقول اننا مغلوب على امرنا او ان نضع الحق على سوانا.
نحن الذين ساهمنا في الوصول الى ما وصلنا اليه، لعدم اختيارنا من يستحق أن نوكل إليه مهمة تسيير شؤون الحكم، ولسكوتنا عن مسارات حكم خاطئة اوصلتنا إلى قعر جهنّم.
نحن الذين ارتضينا ان نكون تبعيين ،انتهازيين وزبائنيين وقبلنا أن تكون حقوقنا منّة علينا.
نحن الذين اخترنا ان ننتخب على اساس من هنأنا وعزانا ودعمنا في عدم تطبيق القانون على حساب الكفاءة والجدارة.
إذا لم نستبق تداعيات الأزمة فسيكون مستقبلنا في أحسن الأحوال أكثر كارثيّة من حاضرنا، وواجبنا إيجاد رؤية جامعة واضحة للاتجاه الذي نريد أن نتخذه.
نريد مجتمعًا أكثر إنسانية وتضامنا وإنتاجية، وأكثر إنسانية من حيث قيم المشاركة وتحمل المسؤولية تجاه شعبنا وطبيعتنا. نريد مجتمعًا يكون "المواطن- الفرد الشخص" هو محور الرؤية والتفكير والعمل. نريد مجتمعًا لا يسمح بسحق الآخرين، نريد مجتمعًا تعدديًا، يتطور فيه الفرد شخصيًا، وتتطور فيه الجماعات وتتقدم للعب دور حضاري وإنساني، فيحقق نموذجيته كرسالة في سباق الأمم ويساهم في تقدم البشرية. نريد مجتمعًا تطمح سلطته السياسية لتوفير السبل لتحقيق هذه الأهداف، وهذه مسؤولية تقع على عاتق مؤسسات الدولة، كما تقع أيضًا على عاتق الاحزاب والتجمّعات ومنظمات المجتمع المدني لبناء مجتمع متين وموحد.
خامسًا: رجاؤنا كبير
نود هنا أن نذكّر بكلام الرجاء الذي قاله البابا القدّيس يوحنا بولس الثاني إلى الوفد البرلماني اللبناني يوم زاره في 29 آذار 1985، إذ توجه إليه بالقول: "إن الطابع التعدّدي لهذا الوفد هو [...] مدعاة أمل [...] أنا مثلكم [...] واثق بأنه بعد سنيّ الحرب الطويلة، ليس من السهل تبصّر الطريق المؤدي إلى التفاهم والاحترام المتبادل. وليس من السهل أيضًا محو ذكريات مؤلمة ما زالت قادرة ويا للأسف على إذكاء مواقف متشنجّة... كل ذلك صعب لكنه ليس مستحيلاً! لا شيء غير قابل للإصلاح [...] إذا حافظ كل مواطن على ثقة أصيلة في الإنسان وعلى محبّة صادقة نحو وطنه. وإني أعلم أن جميع اللبنانيين متمسكون بتاريخ بلدهم ويعرفون خصوصًا كيف يعودون بإيمانهم نحو الخالق الأوحد إله المحبة والسلام."
نعم رجاؤنا كبير وهو يقوم على أساس رؤية لا بد من ان تصبّ في كرامة الشخص البشري والخير العام. فالمهمة المطلوبة من المسيحيين والمسلمين معاً في هذه الأزمة، هي أن يبرهنوا عن ريادتهم في رؤية جديدة للبنان تقوم على المبادئ المذكورة أعلاه وتتجسد في الأطر الآتية:
1-مشروع سياسي ينقل لبنان إلى مرحلة سياسية جديدة مبني على الأسس التاريخية للتجربة اللبنانية القائمة على الحرية وإرادة العيش معًا في صيغة مشاركة في المناصفة الفعلية في إطار سيادة الدولة الكاملة. هذا المشروع يتجسد واقعيًا في إطار استكمال ما أتى في الدستور بعد اتفاق الطائف، وخصوصًا في موضوعي اللامركزية ومجلس الشيوخ، مع ضرورة إصلاح دستوري لبعض المواد الدستورية التي يستغلها السياسيون في صراع السلطة والمصالح لشلّ عمل الدولة، وإعادة تفسير مفهوم إلغاء الطائفية السياسية، لصالح عقلنته تماشيًا مع حقيقة لبنان كدولة واحدة في التعدّد. يحتم ذلك تحديدًا واضحًا لمفهوم الدولة المدنية التي تتوافق مع طبيعة الاجتماع اللبناني. لا يقل أهمية في هذا المشروع موضوع السياسية الخارجية للدولة على أساس الحياد الإيجابي، الذي يجد توازنًا صريحًا بين استقلال لبنان ومصالحه وعلاقاته مع العالم اجمع. . ويترجم ذلك كله من خلال الأطر القانونيّة بعد انتظام العمل في المؤسسات الدستوريّة لا سيّمّا رئاسة الجمهوريّة.
2-لا يكتمل هذا المشروع من دون جرأة لبنانية مسيحية وإسلامية في النظر في ممارسة اقتصاد مؤنسن، إذ لا يجوز أن يستمر لبنان في نظام اقتصادي لا يجاري ما ورد في الدستور. لقد رسمت مقدمة الدستور توجهًا اقتصاديا. في الفقرة: "ج": "لبنان جمهورية ديمقراطية برلمانية تقوم على احترام الحريات العامة، (...) "و":"النظام الاقتصادي اللبناني حر يكفل المُبادَرة الفردية والملكية الخاصة"، والفقرة " ز": "الإنماء المتوازن للمناطق، ثقافيًا واجتماعيًا واقتصاديًا، ركن أساسي من أركان وحدة الدولة واستقرار النظام."
ينقص هذا التوجه تبنى خيار اقتصاديِّ يعيد تكوين البنية الاقتصادية. إذًا لا بد من إصلاح لا انقلابًا على النظام الاقتصادي القائم. هذا من المهمات الملحة. وعلى القادة اللبنانيين أن يبرهنوا أن خير الفرد والخير العام لا ينفصلان، وهنا يتكامل المشروع السياسي مع الاصلاح الاقتصادي.
ومن البديهي أن الخوض في هذا المعترك لا يكون من دون إعادة نظر في فهم العمل الحزبي وصلته الوطيدة بالعمل البرلماني. لا بد للأحزاب مسيحية كانت أو إسلامية أن تعي أن زمن القادة الملهمين قد انتهى، والزمن اليوم هو لنماذج السلوك السياسي المقرونة بنماذج التعاون. هناك زمن جديد حزبيًّا، إما يكون اللبنانيون من رواده وإما سينتهون في الموت التاريخي سياسيًا. يتطلب هذا النموذج صياغة نظام جديد للأحزاب من أهم مداميكه ضمان تداول السلطة، وطرق عمل حزبي جديدة وعصرية، وعقد العزم على خوض عمل نيابي مشترك أو حكومي مشترك يدفع لبنان إلى التقدم.
ومن الطبيعي أن يكون الشرط المدخل لهذا الانتقال وضع قانون انتخابي، يأخذ بعين الاعتبار طبيعة التكوين اللبناني كمجتمع متعدّد ويؤسس لتعاون مشترك بين كافة المجموعات من أجل خير الأفراد والمجموعات في الوطن ، ويكون هذا العمل عبر خوض تحالفات انتخابية تعمل على مشاريع لا أن تقف عند حدود شهوة السلطة. إن العمل النيابي المشترك على أساس أحزابٍ، يعني أن يدخل لبنان مرحلة البرلمانات في الدول المتقدّمة، حيث البرلمان هو ندوة لا للسجال والتهشيم والتهديم والاستعراض والزعاماتية، بل لعرض المشكلات والبرامج والطموحات ولمحاسبة المسؤولين وللدفاع عن القضايا الوطنية، فهل ينتدب اللبنانيون أنفسهم لهذه المهمة النبيلة؟
في ختام هذا النداء نجدّد الدعوة إلى اعتبار الوجود المسيحي وحضوره الفاعل في لبنان والشرق أمانة في اعناقنا جميعًا، حتى لا يتحول الشرق إلى نمطيات قاتلة. وللمسيحيين نقول إن الشعوب العاجزة عن التغلّب على مخاطرها وتحدياتها المصيرية تتعرض للإندثار والزوال، فرحمة بالوجود والحضور، يرى إتحاد أورا ولقاء وحدة ورؤية، وتجمّع لبنانيون من أجل الكيان ولقاء الإثنين- كسروان أنه لا بدّ لمسيحيّي لبنان من ان يتحدوا حول رؤية إنقاذية موحّدة للبنان، تقوم على المحافظة على السيادة الوطنيّة وعلى المؤسسات والمواقع السيادية، وعلى التزام الحياد الايجابي بين الدول، وعلى مناصرة القضايا المحقّة والعادلة، وعلى اقتلاع الفساد من جذوره ومحاسبة رؤوسه، وعلى بناء قضاء مستقلّ عن السلطة السياسيّة وتنقية السلطة القضائية الحاليّة من القضاة الذين يتزلّمون للسياسيين، وعلى تأمين المدرسة والدواء والمستشفى والعمل لكل لبنانيّ فلا يموت لبناني على باب مستشفى، ولا يضطر إلى الهجرة ليجد عملا، ولا يتمكّن من تعليم أولاده، ولا يجد قوت يومه، وعلى معالجة قضية النازحين
السوريين واللاجئين الفلسطينيين، وعلى إعلاء الشأن العام والانخراط في الخدمة العامّة، بما يؤدي إلى بناء دولة عصرية منيعة الجانب، قائمة على الحرية والعدالة والمساواة، وعلى سيادة القانون، تصون حقوق جميع اللبنانيين. وفي سبيل تحقيق ذلك ندعو إلى إنشاء مؤتمر مسيحي دائم لوضع هذه الرؤية موضع التنفيذ، والنضال في سبيلها مع كل الارادات الخيّرة في الوطن من كل الطوائف والأحزاب والتجمّعات والفئات، حتى يبقى لنا وطن يليق باللبنانيين ويستحق أن نضحي في سبيله، ونعلي شأنه بين الدول ونصون رسالته في العيش المشترك.
فنحن ومن معنا مسيحيون، لبنانيون نريد استعادة حقنا بالوجود والحضور والحياة، وهذا الحق لن يسلبنا إياه أحد..
فيا أيها المؤمنون بما ومن نؤمن به، تعالوا نوحد الجهود، الآن وفورا، فالواقع لا يحتمل التأجيل، ووجودنا على المحك ووطننا مهدد بالزوال، فإما نبدأ اليوم أو لن نكون هنا في الغد...
هدفنا أن نشكل قوة ضغط سلمية لنستطيع فرض إرادتنا حيث يجب، وحدتنا المسيحية لم تعد خيارا بل ضرورة قصوى، عليها تتوقف حياتنا أو موتنا..
لذلك ندعوكم جميعا إلى الإنضمام إلينا أينما كنتم، في السياسة، في القضاء، في الكنيسة، في العمل الإجتماعي، في العمل الإقتصادي، في العمل القانوني، المصرفي، وغيره، لنعمل معا تحت مظلة مؤتمر مسيحي دائم، ينكب على وضع الخطط الإنقاذية المطلوبة وتبعا للأولويات الملحة، كي نحفظ وجودنا وحضورنا، ونؤسس لبقاء متجذّر في الأرض والتاريخ من خلال وضع خطة تأسيسية واضحة للخمسين سنة المقبلة، فنقود أجيالنا المقبلة ووطننا الى بر الأمان.
المهمة صعبة ولكنها ليست مستحيلة، رحلة الألف ميل تبدأ بخطوة، فتعالوا نخطوها معا. قدراتنا عظيمة إذا ما ضافرنا الجهود، وفي اتحادنا قوتنا...
الهاوية ليست مصيرنا، إنها محطة، وتجربة، إنها اختبار سنجتازه بإيمان ورجاء. رجاؤنا كبير، إيماننا كبير، قلوبنا وأبوابنا مفتوحة، يدنا على المحراث، وعيوننا على الشمس التي ستعود وتشرق من جديد عاجلاّ ام آجلاّ، وستغلب بكل تأكيد ظلام الهاوية...
نشاطات
انشر هذه المقالة
مقالات ذات الصلة
-
البيان الختامي للقمة الروحية المسيحية – الإسلامية
16 أكتوبر، 2024
-
المؤتمر المسيحي الدائم يشارك بمهرجان التفاح في بقاعكفرا
16 سبتمبر، 2024
-
30 يوليو، 2024
-
لقاء للمؤتمر المسيحي الدائم في وادي شحرور
30 مايو، 2024